جاء في روايات مدرسة الخلفاء ان الملك جاء إلى النبي ( ص ) في غار حراء وقال له : اقرأ ، فقال : ما أنا بقارئ ، فاخذه فغطه حتى بلغ به الجهد ، ثم أرسله فقال : اقرأ ، فقال : ما أنا بقارئ ، فأخذه فغطه . . .
وفي الثانية قال له : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ . . . ) الآيات فرجع الرسول ( ص ) إلى زوجته خديجه يرجف فؤاده وقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، وقال لخديجة : خشيت على نفسي . . . . وفي ثانية قال لخديجة : اخشى ان تكون في جنن . . . !
وفي ثالثة : قال لها : لأخشى ان اكون كاهنا !
وفي رابعة : قال لها : فغطني حتى ظننت انه الموت ! أو لم يكن احد من خلق الله ابغض إلي من شاعر أو مجنون ، لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن ، أو أنه جلس إلى فخذ خديجة ملتصقا بها مائلا إليها .
وفي جميع الروايات ان خديجة هدأته وطمأنته ، ولزيادة الاطمئنان والمعرفة الكاملة بالأمر أخذته إلى ابن عمها النصراني ورقة بن نوفل ، وبعد ان استمع النصراني إلى حديثها عن الرسول ( ص ) اخبرها الخبر اليقين بان زوجها هو نبي هذه الأمة ، ثم اتجه إلى النبي ( ص ) يطمئنه ويبدد خوفه ويعرفه ما كان به جاهلا من انه نبي هذه الأمة ، وانه قد جاءه الناموس الأكبر الذي جاء إلى موسى عليه السلام .
وان خديجة طلبت منه أن يخبرها عندما يأتيه جبرائيل ، فلما أتاه وأخبرها قالت : يابن عم اجلس على فخذي اليسرى ، ففعل ( ص ) ذلك ، فقالت : هل
[size=16]تراه ؟ قال : نعم ، قالت : فتحول فاقعد على فخذي اليمنى ، ففعل ( ص ) فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم ! قالت : فتحول فاجلس في حجري ففعل ( ص ) فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم ! فتحسرت ، فألقت خمارها ثم قالت : هل تراه ؟ قال : لا ، فقالت يابن عم ! اثبت وابشر فوالله انه لملك وما هو بشيطان .
وفي رواية ان خديجة أدخلت الرسول ( ص ) بينها وبين درعها فذهب عند ذلك جبرائيل ، فقالت للرسول ( ص ) : ان هذا لملك وما هو بشيطان ! ! ! ولدراسة هذه الأخبار رجعنا إلى اسنادها فلم نجد واحدا ممن رواها ادرك عصر الواقعة ليحدث عنها .
ورجعنا إلى متونها وقارناها بما جاء في القرآن الكريم وروايات أخرى بمدرسة الخلفاء فوجدنا :
أولا : ان القرآن يخبر ان الله اخذ ميثاق النبيين آدم فمن بعده في محمد ( ص ) لئن بعث خاتم الرسل وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ويأمره فيأخذ العهد كذلك على قومه .
ثانيا : جاءت صفاته ونعته ( ص ) في التوراة والإنجيل ، وان اسمه أحمد ومحمد وبشر ببعثته الأنبياء ، ولذلك فان أهل الكتاب كانوا يعرفونه كما يعرفون ابناءهم ، كما ذكرت صفات أمته - أيضا - في الكتب السماوية .
ثالثا : كان الأحبار والكهان يخبرون : بان مولده ( ص ) في مكة ويهاجر إلى المدينة ، وبسبب علمهم بذلك هاجر قبائل من اليهود إلى المدينة ونواحيها ينتظرون بعثته ، واخبروا تبعا بذلك عندما أراد أن يهدم المدينة فانصرف عنها ولم يمس احدا بسوء ، وبشروا به جده عبد المطلب . وبسبب اشتهار ذلك في المجتمع الجاهلي سمعي بعض العرب ابناءهم بمحمد رجاء أن تدركه النبوة .
رابعا : في ليلة ميلاده ( ص ) رأت آمنة أم الرسول ( ص ) حين حملت به نورا
خرج منها اضاءت له بصرى من ارض الشام ، وقيل لها في المنام ، انك حملت بسيد هذه الأمة .